الأربعاء، 2 يناير 2013

النظام الاقطاعي



عبد الرازق محمد صالح الساعدي
 النظام الاقطاعي 
ترجع نشأة النظام الاقطاعي الى الفكر الانساني في الاستحواذ على الاخرين وشهد العصر الروماني ملامحه الحقيقية لم تظهر بوضوح الا ابتداء من القرن التاسع الميلادي, ووصل الى قمته خلال القرن الثالث عشر, ثم بدأ بعد ذلك في الاضمحلال تدريجيا وليس هناك اتفاق بين المؤرخين حول حادث معين او تاريخ معين لنشأة النظام الاقطلاعي.[1]
بدأ نظام الاقطاع بأقتطاع الملاك والامراء مساحات من الاراضي الى من يدينون لهم بالولاء, وذلك مدى حياتهم, ثم اصبح ذلك امرا وراثيا, ويقوم هؤلاء النبلاء الذين حصلوا على الارض بأقتطاع مساحات منها الى من يدين لهم ولأميرهم وملكهم بالولاء, ومن هنا بدأ الاتجاه نحو تطبيق نظام الحكم المحلي بدلا من نظام الحكم المركزي, اذ يمكن القول ان الضيعة او الاقطاعية كانت وحدة سياسية واجتماعية واقتصادية. فهي وحدة سياسية لان احد الاسياد او النبلاء او رجال الكنيسة كان يملكها ويكون له حق الحصول على دخل منها, وله فيها سلطات واسعة كسلطة جمع الضرائب وتعبئة السكان وقت الحرب. وتعد الضيعة او الاقطاعية وحدة اجتماعية لانها تتكون من مجموعة من الافراد يعيشون معا في قرية صغيرة, وتربطهم عادات خاصة بهم, وتعد الضيعة او الاقطاعية وحدة اقتصادية لان كل من افرادها كان يعتمد على مبدأ الاكتفاء الذاتي, حيث يتعاونون في زراعة الارض واعدادها للانتاج ويشتركون في دفع الضرائب للسيد والكنيسة.[2]
تدل دراسة تاريخ اوروبا الاقتصادي خلال القرون الوسطى ان المدن القديمة سقطت تحت سلطان السادة الاقطاعيين وأرغم اهلها على فلاحة الارض المحيطة بها, وترتب على ذلك اندثار بعض المدن وتحول بعضها الى قرى. ولذلك فان المرحلة الاولى للاقطاع قد تميزت بأندثار معالم المدينة, وسيادة الريف وزيادة اهمية النشاط الزراعي على حساب النشاطين الصناعي والتجاري. وهكذا اصبحت الاقطاعية الوحدة السياسية للنظام الاقطاعي في اوروبا في القرون الوسطى, كما اصبحت كذلك الوحدة الاقتصادية والاجتماعية.[3]وكانت الرفاهية تتسم هنا بالقناعة الذاتية للمجتمع.
نخلص مما تقدم الى ان الزراعة كانت تحتل المركز الاول في اقتصاديات الدول الاوروبية حتى منتصف القرن التاسع عشر. وكان الدخل من قطاع الزراعة حتى ذلك التاريخ اكبر من الدخل من قطاع الصناعة او من قطاع الخدمات.
من المعلوم وحسب مفاهيم الاقتصاديين ان النشاط الاقتصادي يقسم الى ثلاث قطاعات هي: الزراعة, والصناعة, والخدمات, واذا رجعنا الى الاحصاءات نجد ان نسبة المشتغلين بالقطاع الاول كانت اكبر من نسبة المشتغلين بالقطاعين الثاني الثالث, وذلك حتى منتصف القرن التاسع عشر. فمنذ قيام الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ودخول الآلة الميكانيكية في كل حقول الانتاج وتعويض العمل الانتاجي بلآلآت الميكانيكية الحديثة بدأت نسبة المشتغلين بقطاعي الصناعة والخدمات تزداد وفي الوقت نفسه قلة نسبة المشتغلين بالزراعة, وقد اشتهر نظام الاقطاع بنمو الطوائف الحرفية وطبقة الصناع الذين اخذوا على عاتقهم توفير احتياجات المجتمع من الصناعات الحرفية. ويتكون نظام الطوائف الحرفية من عدد من ( الاسطوات ) او المعلمين في كل حرفة على حدة. ويقوم (الاسطى) او المعلم بمباشرة حرفته بمساعدة عدد من الحرفيين والصبية.
تميز العصر الاقطاعي كذلك بنمو التجارة والمدن التجارية, مما ادى الى تكوين طبقة من كبار التجار الاغنياء داخل كل مدينة, وقد ساهمت طبقة التجار والمدينة عموما في   نظام الاقطاع ذاته, فمن ناحية اصبحت المدينة مقصدا للهاربين من وطأة حكم الاقطاع وظلمه داخل الريف, ومن ناحية اخرى كان لدى الاغنياء من تجار المدن المال الذي ساهم في نشأة النظام الراسمالي.[4]


 - حشيش, عادل احمد – تاريخ الفكر الاقتصادي – دار النهضة العربية للطباعة والنشر - 1974[1]
 - عمر,حسين – تطور الفكر الاقتصادي – الكتاب الاول – دار الفكر العربي - 1994[2]
 - أريك رول – تاريخ الفكر الاقتصادي – ترجمة راشد البراوي – دار الكتاب العربي للطباعة والنشر - 1986[3]
 - مصدر سابق (اريك رول)[4]

ليست هناك تعليقات: