الجمعة، 15 مارس 2013

لمحة تأريخية للزئبق

بسم الله تعليقاتكم الجميلة تبرعاتكم والمساهمة يساعدنا علي تطوير الموقع ويمكن التبرع الي تحت هذا الاسم / https://www.libertyreserve.com تحت رقم الحساب الاتي :Account Number U3158448 (stpone43dmax)


لمحة تأريخية للزئبق
لا أحد يعرف على وجه الدقة تركيب أو نوع المركبات السامة التي إستخدمها البشر في غابر الزمان لقتل الخصوم. لكن وبلا أدنى شك يمكن الجزم أنَّ تلكم السموم كانت نباتية المنشأ، لا حيوانية ولا معدنية حتى عرف الإنسان القديم الزرنيخ والنورة.كانت نباتية المنشأ لأن النباتات كانت قد أُستخدمت منذ الزمن القديم كأدوية وعقاقير شافية أو مهدئة للآلام أو حتى مخدِّرة كنبات الخشخاش وبعضها قاتل كأوراق نبات الدفلى على سبيل المثال. أما سموم الأفاعي والعقارب ( وهي سموم حيوانية ) فلا تقتل إنْ تناولها الإنسان عن طريق الفم. بلى، إنها تصبح قتّالة إذا ما دخلت الدورة الدموية للإنسان عن طريق الجروح. وهذا ما قامت به ملكة مصر القديمة كليوباطرة التي قتلت نفسها منتحرة بلسعة أفعى سامة وليس بتناول هذا السم عن طريق الفم مع طعام أو شراب. وعليه فلا يمكن قتل الخصم بإجباره على تناول كأس شراب أو أكل طبق طعام فيهما سم أفعى. ولا أحدَ على وجه التحديد يدري بمَ كانت تُسقى السيوف والخناجر والسكاكين، أقصد بأي سائل كانت تُنقع وسائل الفتك هذه حتى تستحيل إلى آلات ليست جارحة حسبُ، بل وممُيتة طال الوقت أم قصر.
مع مرِّ الزمن تعرّف الإنسانُ القديمُ على بعض العناصر المعدنية السامة فوظّفها كمواد قاتلة يجري تناولها إما مع الشراب أو الطعام أو كليهما عن طريق الفم فقط إذ ما كانت الغازات السامة معروفة يومذاك. أكثر هذه المعادن شهرة من بين ما كان مُتاحاً منها أو معروفاً هي الزئبق والزرنيخ ( الآرسين ) والرصاص. أُستعمل العنصران الأولان وما زالا على أوسع نطاق كسموم للتخلص من الخصوم. فمركب كلوريد الزئبق المعروف بالسليماني هو سائل قاتل شديد السميّة. والحِلة التي أهداها ملك الروم للملك الضليّل والشاعر إمريء القيس، لمّا راح هذا إلى ذاك يستنجد به لإعانته على أخذ الثأر من قَتَلة أبيه من بني عشيرته،كانت منقوعةً بخليط الزرنيخ والنورة، الأمر الذي تسبب في تهروء جلد الشاعر طالب النَجدَة ومن ثم وفاته. فلا إستردَّ مُلْكَ أبيه ولا سلم بجلده. هذه الخلطة شائعة جدّاً اليوم في بعض الأقطار العربية ولا سيما العراق، كخلطة لإزالة شعر الجسم في الحمامات العامة ولإزالة شعر رؤوس وكراعين الخرفان قبل طهوها وتجهيزها كأكلة أل ( باجة ) الشهية والشهيرة في بلاد الرافدين. تُستعمل ذات الوسيلة تارةً لإشباع جسد الإنسان بالطعام الشهي وتارةً أخرى للفتك بهذا الجسد ( رُبَّ نافعةٍ ضارّة ).
لقد إستعملت كهنة المعابد الفرعونية هذه الخلطة مع الملح ومع القطران أحياناً في عمليات تحنيط الموتى وبعض الحيوانات كالقطط والتماسيح والطيور. أما الرصاص السام فقصته معروفة على نطاق واسع. إذ يؤكد بعض علماء التأريخ على دور الرصاص في المساهمة في إنهيار الإمبراطورية الرومانية إذ كان الرومان يعتّقون نبيذهم في أوان من رصاص. وبمرور الزمن تسمم هذا النبيذ وإنتقل مفعوله السام إلى أجساد شاربيه. والنتيجة المتوقعة هي تقلص فعالية هذه الأجساد وضعف قدراتها الجسدية وعجزها عن القيام بمهام القتال والدفاع عن النفس وعن الإمبراطورية الرومانية المترامية الأطراف التي تهاوت تحت ضربات الأعداء. أما أول ذكر للزئبق كمادة سامة أُستعملت في جريمة قتل فقد ورد في المسرحية الشهيرة ( هاملت ) التي كتبها شكسبير (1)، حيث قُتِل والد هاملت بصب الزئبق في إحدى أُذنيه حينما كان نائماً في حديقة قصره في ساعة قيلولة الظهيرة كما تُفيد أحداث المسرحية. ما هو الوجه العلمي في هذه الجريمة؟ الجواب قد لا يخلو من بعض الطرافة : إنَّ الزئبق سائل معدني أثقل من الماء بثلاث عشرة مرة ونصف، ومع ذلك فإنه قادر على النفاذ من خلال بعض الأغشية كطبلة الأُذن مثلاً ومن ثم الإستقرار في تجاويف الأذن الداخلية قريباً جداً من الدماغ، مركز الجهاز العصبي كله. كذلك يخترق الزئبق ورق الترشيح العادي المستعمل في المختبرات نافذاً من خلال مساماته تماماً كما يفعل الماء.
يعرف الطب الحديث اليوم مدى خطورة بخار الزئبق على خلايا الأعصاب بالدرجة الأولى. أجل، بخار الزئبق. فالزئبق هذا المعدن الثقيل الذي يشغل المكان الثمانين في الجدول الدوري للعناصر وكتلة ذرته أكبر من كتلة ذرة الحديد بحوالي أربع مراتٍ… هذا العنصر الثقيل دائم التبخّر وبخاره شديد الخطورة. لم يعرف عطّارو الأزمنة الخوالي هذه الحقيقة يوم أنْ كانوا يبيعونه دونما حاجة لترخيص أو إجازة من لدن جهة ذات إختصاص. كماكانت جدّاتنا يتداولن هذا السائل السام ويدخلنه بيوتهن ليجبلن منه مع الحنّاء خلطة لتلوين الشيب وتعفير شعر الرأس بقتل بيوض بعض الحشرات الضارة التي تتخذ من الشعر مكاناً مناسباً لوضع البيوض. فجداتنا كنَّ إذنْ قد إستخدمن الزئبق كمادة معفِّرة ومبيدة للحشرات قبل أن يهتدي علماء البايولوجيا وخبراء البيئة والزراعة إلى ذلك بأمد بعيد.
التأريخ الدقيق لإكتشاف الزئبق غير معروف، لكنه وُجِد حتماً بعد أن إكتشف الإنسانُ الحديد والنحاس والرصاص. ولم يُولِه الإنسانُ القديمُ أهمية تُذكر لأنه كان بمسيس الحاجة للألات القاطعة والجارحة كسلاح للهجوم والدفاع وحفر الأرض لشق القنوات التي تجلب الماء له ولماشيته. أو لحفر القبور تحت الأرض لدفن موتاه وللتنقيب عن الأشياء الأكثر صلادةً. كذلك لحفر الكهوف والمغارات في الجبال والصخور ملاجيءَ ومساكنَ له ومقتنياته من الحيوان. وطبيعي أنْ لا ينتبه هذا الإنسانُ الأول للزئبق طالما إنه لا يُضاهي الحديد والنحاس متانةً وقواماً…إنه عنصر سائل.
ورد ذكر الزئبق في مقدمة إبن خلدون (2) (( عاش في القرنين الثامن والتاسع الهجريين)).
كما ورد ذكره في رسائل أوائل من تعاطى صنعة الكيمياء من العرب كجابر بن حيّان الذي عاش في القرن الثاني الهجري.
يروي علم الذرة الحديث قصة طريفةً حول وفاة القائد الفرنسي المغامر والطموح نابليون بونابرت الذي دوّخَ في حروبه أوربا، فقد كشف 

المرجع"
faculty.ksu.edu.sa/.../لمحة%20تأريخية%20للزئبق.doc

ليست هناك تعليقات: